* (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين) *.
اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة والبصرة: من يصرف عنه يومئذ بضم الياء وفتح الراء، بمعنى: من يصرف عنه العذاب يومئذ. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة من يصرف عنه بفتح الياء وكسر الراء، بمعنى: من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي، قراءة من قرأه: يصرف عنه بفتح الياء وكسر الراء، لدلالة قوله: فقد رحمه على صحة ذلك، وأن القراءة فيه بتسمية فاعله.
ولو كانت القراءة في قوله: من يصرف على وجه ما لم يسم فاعله، كان الوجه في قوله:
فقد رحمه أن يقال: فقد رحم غير مسمى فاعله وفي تسمية الفاعل في قوله: فقد رحمه دليل على بين أن ذلك كذلك في قوله: من يصرف عنه. وإذا كان ذلك هو الوجه الأولى بالقراءة، فتأويل الكلام: من يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه وذلك هو الفوز المبين. ويعني بقوله: ذلك: وصرف الله عنه العذاب يوم القيامة، ورحمته إياه الفوز أي النجاة من الهلكة والظفر بالطلبة المبين يعني الذي بين لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطلبة.
وبنحو الذي قلنا في قوله: من يصرف عنه يومئذ قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10218 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه قال: من يصرف عنه العذاب.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير) *.
يقول تعالى ذكر لنبيه (ص): يا محمد، إن يصبك الله بضر، يقول: بشدة في دينك وشظف في عيشك وضيق فيه، فلن يكشف ذلك عنك إلا الله الذي أمرك أن تكون أول من أسلم لامره ونهيه، وأذعن له من أهل زمانك، دون ما يدعوك العادلون به إلى عبادته من الأوثان