* (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأنداد، الداعيك إلى عبادة الأوثان: أمرنا لنسلم لرب العالمين الذي خلق السماوات بالحق، لا من لا ينفع ولا يضر ولا يسمع ولا يبصر.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: بالحق فقال بعضهم: معنى ذلك: وهو الذي خلق السماوات والأرض حقا وصوابا، لا باطلا وخطأ، كما قال تعالى ذكره: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا قالوا: وأدخلت فيه الباء والألف واللام، كما تفعل العرب في نظائر ذلك، فتقول: فلان يقول بالحق، بمعنى أنه يقول الحق. قالوا: ولا شئ في قوله بالحق غير إصابته الصواب فيه، لا أن الحق معنى غير القول، وإنما هو صفة للقول إذا كان بها القول كان القائل موصوفا بالقول بالحق وبقول الحق. قالوا: فكذلك خلق السماوات والأرض حكمة من حكم الله، فالله موصوف بالحكمة خلقهما وخلق ما سواهما من سائر خلقه، لا أن ذلك حق سوى خلقهما به.
وقال آخرون: معنى ذلك: خلق السماوات والأرض بكلامه وقوله لهما: ائتيا طوعا أو كرها. قالوا: فالحق في هذا الموضع معنى به كلامه. واستشهدوا لقيلهم ذلك بقوله: ويوم يقول كن فيكون قوله الحق الحق هو قوله وكلامه. قالوا: والله خلق الأشياء بكلامه وقيله كما خلق به الأشياء غير المخلوقة. قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، وجب أن يكون كلام الله الذي خلق به الخلق غير مخلوق.
وأما قوله: ويوم يقول كن فيكون فإن أهل العربية اختلفوا في العامل في يوم يقول وفي معنى ذلك فقال بعض نحويي البصرة: اليوم مضاف إلى يقول كن فيكون، قال: وهو نصب وليس له خبر ظاهر، والله أعلم، وهو على ما فسرت لك. كأنه