الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم علما منهم بأن ذلك كائن فهم مصدقون بوعد الله ووعيده، عاملون بما يرضي الله، دائمون في السعي فيما ينقذهم في معادهم من عذاب الله.
ليس لهم من دونه ولي أي ليس لهم من عذاب الله إن عذبهم ولي ينصرهم فيستنقذهم منه. ولا شفيع يشفع لهم عند الله تعالى فيخلصهم من عقابه. لعلهم يتقون يقول:
أنذرهم كي يتقوا الله في أنفسهم، فيطيعوا ربهم ويعملوا لمعادهم، ويحذروا سخطه باجتناب معاصيه. وقيل: وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا ومعناه: يعلمون أنهم يحشرون، فوضعت المخافة موضع العلم لان خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شك منهم في ذلك. وهذا أمر من الله تعالى نبيه محمدا (ص) بتعليم أصحابه ما أنزل الله إليه من وحيه وتذكيرهم والاقبال عليهم بالانذار وصده عن المشركين به بعد الاعذار إليهم وبعد إقامة الحجة عليهم، حتى يكون الله هو الحاكم في أمرهم بما يشاء من الحكم فيهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين) *.
ذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص) في سبب جماعة من ضعفاء المسلمين قال المشركون له: لو طردت هؤلاء عنك لغشيناك وحضرنا مجلسك. ذكر من قال ذلك:
10326 - حدثنا هناد بن السري، قال: ثنا أبو زيد، عن أشعث، عن كردوس الثعلبي، عن ابن مسعود، قال: مر الملا من قريش بالنبي (ص) وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك، هؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا، أنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ اطردهم عنك، فلعلك إن طردتهم أن نتبعك فنزلت هذه الآية: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وكذلك فتنا بعضهم ببعض... إلى آخر الآية.
حدثنا جرير، عن أشعث، عن كردوس الثعلبي، عن عبد الله، قال: مر الملا من قريش على رسول الله (ص)، ثم ذكر نحوه.