وما جاءت به من عند الله من الكتب، ويؤدي فرائضه، ويجتنب معاصيه، فذلك كمال إحسان المحسنين الذين قال الله تعالى: جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) *.
يقول تعالى ذكره: وأما الذين جحدوا توحيد الله، وأنكروا نبوة محمد (ص)، وكذبوا بآيات كتابه، فإن أولئك أصحاب الجحيم، يقول: هم سكانها واللابثون فيها. والجحيم:
ما اشتد من النار، وهو الجاحم والجحيم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) *.
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما جاءهم به نبيهم (ص) أنه حق من عند الله لا تحرموا طيبات ما أحل لكم يعني بالطيبات: اللذيذات التي تشتهيها النفوس وتميل إليها القلوب، فتمنعوها إياها، كالذي فعله القسيسون والرهبان، فحرموا على أنفسهم النساء والمطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة، وحبس في الصوامع بعضهم أنفسهم، وساح في الأرض بعضهم. يقول تعالى ذكره: فلا تفعلوا أيها المؤمنون كما فعل أولئك، ولا تعتدوا حد الله الذي حد لكم فيما أحل لكم وفيما حرم عليكم فتجاوزوا حده الذي حده، فتخالفوا بذلك طاعته، فإن الله لا يحب من اعتدى حده الذي حده لخلقه فيما أحل لهم وحرم عليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
9625 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر أبو زبيد، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم... الآية، قال: عثمان بن مظعون وأناس من المسلمين حرموا عليهم النساء، وامتنعوا من الطعام الطيب، وأراد بعضهم أن يقطع ذكره، فنزت هذه الآية.
9626 - حدثنا حميد بن مسعدة، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثني خالد الحذاء، عن عكرمة، قال: كان أناس من أصحاب النبي (ص) هموا بالخصاء وترك اللحم والنساء،