ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته ثم قال: تعلم ما في نفسي يقول: إنك يا رب لا يخفى عليك ما أضمرته نفسي مما لم أنطلق به ولم أظهره بجوارحي، فكيف بما قد نطقت به وأظهرته بجوارحي؟ يقول: لو كنت قد قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله كنت قد علمته، لأنك تعلم ضمائر النفوس مما لم تنطق به فكيف بما قد نطقت به. ولا أعلم ما في نفسك يقول: ولا أعلم أنا ما أخفيته عني فلم تطلعني عليه، لأني إنما أعلم من الأشياء ما أعلمتنيه إنك أنت علام الغيوب يقول: إنك أنت العالم بخفيات الأمور التي لا يطلع عليها سواك ولا يعلمها غيرك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) *.
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول عيسى، يقول: ما قلت لهم إلا الذي أمرتني به من القول أن أقوله لهم، وهو أن قلت لهم اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا يقول: وكنت على ما يفعلونه وأنا بين أظهرهم شاهدا عليهم وعلى أفعالهم وأقوالهم.
فلما توفيتني يقول: فلما قبضتني إليك، كنت أنت الرقيب عليهم يقول: كنت أنت الحفيظ عليهم دوني، لأني إنما شهدت من أعمالهم ما عملوه وأنا بين أظهرهم.
وفي هذا تبيان أن الله تعالى إنما عرفه أفعال القوم ومقالتهم بعد ما قبضه إليه وتوفاه بقوله: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله... وأنت على كل شئ شهيد يقول: وأنت تشهد على كل شئ، لأنه لا يخفى عليك شئ، وأما أنا فإنما شهدت بعض الأشياء، وذلك ما عاينت وأنا مقيم بين أظهر القوم، فإنما أنا أشهد على ذلك الذي عاينت ورأيت وشهدت.
وبنحو الذي قلنا في قوله: كنت أنت الرقيب عليهم قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10149 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: كنت أنت الرقيب عليهم أما الرقيب: فهو الحفيظ.
10150 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
كنت أنت الرقيب عليهم قال: الحفيظ.