وقد بينا أولى هذه القراءات في ذلك بالصواب عندنا، والدلالة على صحة ما اخترنا منها.
وأما تأويل قوله: ولنبينه لقوم يعلمون يقول تعالى ذكره: كما صرفنا الآيات والعبر والحجج في هذه السورة لهؤلاء العادلين بربهم الآلهة والأنداد، كذلك نصرف لهم الآيات في غيرها، كيلا يقولوا لرسولنا الذي أرسلناه إليهم إنما تعلمت ما تأتينا به تتلوه علينا من أهل الكتاب، فينزجروا عن تكذيبهم إياه وتقولهم عليه الإفك والزور، ولنبين تصريفنا الآيات الحق لقوم يعلمون الحق إذا تبين لهم، فيتبعوه ويقبلوه، وليسوا كمن إذا بين لهم عموا عنه فلم يعقلوه وازدادوا من الفهم به بعدا. القول في تأويل قوله تعالى: * (اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ئ ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): اتبع يا محمد ما أمرك به ربك في وحيه الذي أوحاه إليك، فاعمل به، وانزجر عما زجرك عنه فيه، ودع ما يدعوك إليه مشركو قومك من عبادة الأوثان والأصنام، فإنه لا إله إلا هو يقول: لا معبود يستحق عليك إخلاص العبادة له إلا الله الذي هو فالق الحب والنوى وفالق الاصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا. وأعرض عن المشركين، يقول: ودع عنك جدالهم وخصومتهم. ثم نسخ ذلك جل ثناؤه بقوله في براءة: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم... الآية.
كما:
10689 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، أما قوله: وأعرض عن المشركين ونحوه مما أمر الله المؤمنين بالعفو عن المشركين، فإنه نسخ ذلك قوله: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد (ص): أعرض عن هؤلاء المشركين بالله، ودع عنك