والجزاء منازلهم. ومعنى الكتاب في هذا الموضع: الجعل، يقول: فاجعلنا مع الشاهدين، وأثبتنا معهم في عدادهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) *.
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسوله محمد (ص) من كتابه، آمنوا به وصدقوا كتاب الله، وقالوا: ما لنا لا نؤمن بالله؟ يقول: لا نقر بوحدانية الله وما جاءنا من الحق يقول: وما جاءنا من عند الله من كتابه وآي تنزيله، ونحن نطمع بإيماننا بذلك أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين يعني بالقوم الصالحين: المؤمنين بالله المطيعين له، الذين استحقوا من الله الجنة بطاعتهم إياه. وإنما معنى ذلك: ونحن نطمع أن يدخلنا ربنا مع أهل طاعته مداخلهم من جنته يوم القيامة، ويلحق منازلنا بمنازلهم ودرجاتنا بدرجاتهم في جناته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
9624 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين قال: القوم الصالحون: رسول الله (ص) وأصحابه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين) *.
يقول تعالى ذكره: فجزاهم الله بقولهم: ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق، ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين جنات تجري من تحتها الأنهار يعني: بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار خالدين فيها يقول: دائما فيها مكثهم، لا يخرجون منها ولا يحولون عنها.
وذلك جزاء المحسنين يقول: وهذا الذي جزيت هؤلاء القائلين بما وصفت عنهم من قيلهم على ما قالوا من الجنات التي هم فيها خالدون، جزاء كل محسن في قيله وفعله.
وإحسان المحسن في ذلك أن يوحد الله توحيدا خالصا محضا لا شرك فيه، ويقر بأنبياء الله