يقول تعالى: أليس الله بأعلم بالشاكرين وهذا منه تعالى إجابة لهؤلاء المشركين الذين أنكروا أن يكون الله هدى أهل المسكنة والضعف للحق، وخذلهم عنه وهم أغنياء، وتقرير لهم أنا أعلم بمن كان من خلقي شاكرا نعمتي ممن هو لها كافر، فمني على من مننت عليه منهم بالهداية جزاء شكره إياي على نعمتي، وتخذيلي من خذلت منهم عن سبيل الرشاد عقوبة كفرانه إياي نعمتي لا لغنى الغني منهم ولا لفقر الفقير لان الثواب والعقاب لا يستحقه أحد إلا جزاء على عمله الذي اكتسبه لا على غناه وفقره، لان الغنى والفقر والعجز والقوة ليس من أفعال خلقي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منك سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) *.
اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله تعالى بهذه الآية: فقال بعضهم: عنى بها الذين نهي الله نبيه عن طردهم، وقد مضت الرواية بذلك عن قائليه.
وقال آخرون: عنى بها قوما استفتوا النبي (ص) في ذنوب أصابوها عظام، فلم يؤيسهم الله من التوبة. ذكر من قال ذلك:
10356 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا سفيان، عن مجمع، قال: سمعت ماهان، قال: جاء قوم إلى النبي (ص) قد أصابوا ذنوبا عظاما. قال ماهان: فما أخاله رد عليهم شيئا. قال: فأنزل الله هذه الآية: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم... الآية.
حدثنا هناد، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن مجمع، عن ماهان: أن قوما جاؤوا إلى النبي (ص)، فقالوا: يا محمد إنا أصبنا ذنوبا عظاما فما أخاله رد عليهم شيئا، فانصرفوا، فأنزل الله تعالى: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة قال: فدعاهم، فقرأها عليهم.
حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن مجمع التميمي، قال:
سمعت ماهان يقول، فذكر نحوه.