وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات في ذلك بالصواب، لان الله تعالى أمر المؤمنين أن يقوموا بالقسط ويتعاونوا على البر والتقوى ومن القيام بالقسط: الاخذ على يد الظالم ومن التعاون على البر والتقوى: الأمر بالمعروف. وهذا مع ما تظاهرت به الاخبار عن رسول الله (ص) من أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان للناس ترك ذلك، لم يكن للامر به معنى إلا في الحال التي رخص فيه رسول الله (ص) ترك ذلك، وهي حال العجز عن القيام به بالجوارح الظاهرة فيكون مرخصا له تركه إذا قام حينئذ بأداء فرض الله عليه في ذلك بقلبه. وإذا كان ما وصفنا من التأويل بالآية أولى، فبين أنه قد دخل في معنى قوله:
إذا اهتديتم ما قاله حذيفة وسعيد بن المسيب، من أن ذلك: إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، ومعنى ما رواه أبو ثعلبة الخشني عن رسول الله (ص).
القول في تأويل قوله تعالى: إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين من عباده: اعملوا أيها المؤمنون بما أمرتكم به، وانتهوا عما نهيتكم عنه، ومروا أهل الزيغ والضلال وما حاد عن سبيلي بالمعروف، وانهوهم عن المنكر فإن قبلوا فلهم ولكم، وإن تمادوا في غيهم وضلالهم فإن إلي مرجع جميعكم ومصيركم في الآخرة ومصيرهم، وأنا العالم بما يعمل جميعكم من خير وشر، فأخبر هناك كل فريق منكم بما كان يعمله في الدنيا ثم أجازيه على عمله الذي قدم به علي جزاءه حسب استحقاقه، فإنه لا يخفى علي عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين) *.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم يقول: ليشهد بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية يقول: وقت الوصية، اثنان ذوا عدل منكم يقول: ذوا رشد وعقل وحجا من المسلمين. كما:
10035 - حدثنا محمد بن بشار، وعبيد الله بن يوسف الجبيري، قالا: ثنا