الأدلة والاعلام وأحكمناها لقوم يفقهون مواقع الحجج ومواضع العبر ويفهمون الآيات والذكر، فإنهم إذا اعتبروا بما نبهتهم عليه من إنشائي من نفس واحدة ما عاينوا من البشر وخلقي ما خلقت منها من عجائب الألوان والصور، علموا أن ذلك من فعل من ليس له مثل ولا شريك فيشركوه في عبادتهم إياه. كما:
10638 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) يقول: قد بينا الآيات لقوم يفقهون.
القول في تأويل قوله تعالى:
(وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنت من أعناب والزيتون الرمان مشتبها وغير متشبه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون يقول تعالى ذكره: والله الذي له العبادة خالصة لا شركة فيه لشئ سواه، هو الا له (الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ) فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء من غذاء الانعام والبهائم والطير والوحش، وأرزاق بني آدم وأقواتهم ما يتغذون به ويأكلونه فينبتون عليه وينمون.
وإنما معنى قوله: فأخرجنا به نبات كل شئ: فأخرجنا به ما ينبت به كل شئ وينمو عليه ويصلح. ولو قيل معناه: فأخرجنا به نبات جميع أنواع النبات فيكون كل شئ هو أصناف النبات، كان مذهبا وإن كان الوجه الصحيح هو القول الأول.
وقوله: فأخرجنا منه خضرا يقول: فأخرجنا منه يعني من الماء الذي أنزلناه من السماء خضرا رطبا من الزرع والخضر: هو الأخضر، كقول العرب: أرنيها نمرة أركها مطرة، يقال: خضرت الأرض خضرا وخضارة، والخضر: رطب البقول، ويقال: نخلة خضيرة: إذا كانت ترمي ببسرها أخضر قبل أن ينضج، وقد اختضر الرجل واغتضر: إذا