نارا، فوجه تأويل قوله: والشمس والقمر حسبانا إلى ذلك التأويل. وليس هذا من ذلك المعنى في شئ. وأما الحسبان بكسر الحاء: فإنه جمع الحسبانة: وهي الوسادة الصغيرة، وليست من الأوليين أيضا في شئ، يقال: حسبته: أجلسته عليها، ونصب قوله: حسبانا بقوله: وجعل. وكان بعض البصريين يقول: معناه: والشمس والقمر حسبانا أي بحساب، فحذف الباء كما حذفها من قوله: هو أعلم من يضل عن سبيله: أي أعلم بمن يضل عن سبيله.
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك تقدير العزير العليم.
يقول تعالى ذكره: وهذا الفعل الذي وصفه أنه فعله، وهو فلقه الاصباح وجعله الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، تقدير الذي عز سلطانه، فلا يقدر أحد أراده بسوء وعقاب أو انتقام من الامتناع منه، العليم بمصالح خلقه وتدبيرهم لا تقدير الأصنام والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تفقه شيئا ولا تعقله ولا تضر ولا تنفع، وإن أريدت بسوء لم تقدر على الامتناع منه ممن أرادها به. يقول جل ثناؤه: وأخلصوا أيها الجهلة عبادتكم لفاعل هذه الأشياء، ولا تشركوا في عبادته شيئا غيره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: والله الذي جعل لكم أيها الناس النجوم أدلة في البر والبحر إذا ضللتم الطريق، أو تحيرتم فلم تهتدوا فيها ليلا تستدلون بها على المحجة، فتهتدون بها إلى الطريق والمحجة فتسلكونه، وتنجون بها من ظلمات ذلك، كما قال جل ثناؤه: وعلامات وبالنجم هم يهتدون: أي من ضلال الطريق في البر والبحر، وعنى بالظلمات: ظلمة الليل، وظلمة الخطأ والضلال، وظلمة الأرض أو الماء. وقوله: قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون يقول قد ميزنا الأدلة وفرقنا الحجج فيكم وبيناها أيها لناس ليتدبرها أولو العلم بالله منكم ويفهمها أولو الحجاج منكم، فينيبوا من جهلهم الذي هم عليه مقيمون،