كما أمره باستفهامهم إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ عمن أنزل الكتاب الذي به جاء موسى نورا وهدى للناس. ثم أمره بالإجابة عنه هنالك بقيله: قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون كما أمره بالإجابة ههنا عن ذلك بقيله: الله أنزله على موسى.
كما:
10558 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس قال:
الله أنزله.
ولو قيل: معناه: قل هو الله على وجه الامر من الله له بالخبر عن ذلك لا على وجه الجواب إذ لم يكن قوله: قل من أنزل الكتاب مسألة من المشركين لمحمد (ص)، فيكون قوله: قل الله جوابا لهم عن مسألتهم، فإنما هو أمر من الله لمحمد بمسألة القوم: من أنزل الكتاب، فيجب أن يكون الجواب منهم غير الذي قاله ابن عباس من تأويله كان جائزا من أجل أنه استفهام، ولا يكون للاستفهام جواب وهو الذي اخترنا من القول في ذلك لما بينا.
وأما قوله: ثم ذرهم في خوضهم يلعبون فإنه يقول لنبيه محمد (ص): ثم ذر هؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام بعد احتجاجك عليهم في قيلهم ما أنزل الله على بشر من شئ بقولك من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس وإجابتك ذلك بأن الذي أنزله الله الذي أنزل عليك كتابه في خوضهم يعني: فيما يخوضون فيه من باطلهم وكفرهم بالله وآياته، يقول: يستهزءون ويسخرون. وهذا من الله وعيد لهؤلاء المشركين وتهديد لهم يقول الله جل ثناؤه: ثم دعهم لاعبين يا محمد، فإني من وراء ما هم فيه من استهزائهم بآياتي بالمرصاد وأذيقهم بأسي، وأحل بهم إن تمادوا في غيهم سخطي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون) *.
يقول تعالى ذكره: وهذا القرآن يا محمد كتاب وهو اسم من أسماء القرآن