سورة الأنعام مكية وآياتها خمس وستون ومائة بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:
* (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) *.
يعني تعالى ذكره بقوله الحمد لله: الحمد الكامل لله وحده لا شريك له، دون جميع الأنداد والآلهة، ودون ما سواه مما تعبده كفرة خلقه من الأوثان والأصنام. وهذا كلام مخرجه مخرج الخبر ينحى به نحو الامر، يقول: أخلصوا الحمد والشكر للذي خلقكم أيها الناس وخلق السماوات والأرض، ولا تشركوا معه في ذلك أحدا شيئا، فإنه المستوجب عليكم الحمد بأياديه عندكم ونعمه عليكم، لا من تعبدونه من دونه وتجعلونه له شريكا من خلقه. وقد بينا الفصل بين معنى الحمد والشكر بشواهده فيما مضى قبل.
القول في تأويل قوله تعالى: وجعل الظلمات والنور.
يقول تعالى ذكره: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وأظلم الليل وأنار النهار. كما:
10156 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وجعل الظلمات والنور قال: الظلمات: ظلمة الليل، والنور: نور النهار.
10157 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أما قوله: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور فإنه خلق السماوات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار.
فإن قال قائل: فما معنى قوله إذن جعل؟ قيل: إن العرب تجعلها ظرفا للخبر