شئ، يقول: ما عليك من حساب ما رزقتهم من الرزق من شئ، وما عليهم من حساب ما رزقتك من الرزق من شئ، فتطردهم حذار محاسبتي إياك بما خولتهم في الدنيا من الرزق. وقوله: فتطردهم: جواب لقوله: ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ. وقوله: فتكون من الظالمين جواب لقوله: ولا تطرد الذين يدعون ربهم. القول في تأويل قوله تعالى: * ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: وكذلك فتنا بعضهم ببعض وكذلك اختبرنا وابتلينا.
كالذي:
10354 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، وحدثنا الحسين بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة:
وكذلك فتنا بعضهم ببعض يقول: ابتلينا بعضهم ببعض.
وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على معنى الفتنة، وأنها الاختبار والابتلاء، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وإنما فتنة الله تعالى بعض خلقه ببعض، مخالفته بينهم فيما قسم لهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضا غنيا وبعضا فقيرا وبعضا قويا وبعضا ضعيفا، فأحوج بعضهم إلى بعض، اختبارا منه لهم بذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10355 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: وكذلك فتنا بعضهم ببعض يعني أنه جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، فقال الأغنياء للفقراء: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا يعني: هداهم الله. وإنما قالوا ذلك استهزاء وسخرية.
وأما قوله: ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا يقول تعالى: اختبرنا الناس بالغنى والفقر والعز والذل والقوة والضعف والهدى والضلال، كي يقول من أضله الله وأعماه عن سبيل الحق للذين هداهم الله ووفقهم: أهؤلاء من الله عليهم بالهدى والرشد وهم فقراء ضعفاء أذلاء من بيننا ونحن أغنياء أقوياء استهزاء بهم، ومعاداة للاسلام وأهله.