الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها. قال الله تعالى لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لقائلي هذه المقالة لك:
إن الله قادر على أن ينزل آية، يعني: حجة على ما يريدون ويسألون ولكن أكثرهم لا يعلمون يقول: ولكن أكثر الذين يقولون ذلك فيسألونك آية، لا يعلمون ما عليهم في الآية إن نزلها من البلاء، ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك، ولو علموا السبب الذي من أجله لم أنزلها عليك لم يقولوا ذلك ولم يسألوكه، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل لهؤلاء المعرضين عنك المكذبين بآيات الله:
أيها القوم، لا تحسبن الله غافلا عما تعملون، أو أنه غير مجازيكم على ما تكسبون، وكيف يغفل عن أعمالكم أو يترك مجازاتكم عليها وهو غير غافل عن عمل شئ دب على الأرض صغير أو كبير ولا عمل طائر طار بجناحيه في الهواء؟ بل جعل ذلك كله أجناسا مجنسة وأصنافا مصنفة، تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما كما تتصرفون، ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها، ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب، ثم إنه تعالى ذكره مميتها ثم منشرها ومجازيها يوم القيامة جزاء أعمالها. يقول: فالرب الذي لم يضيع حفظ أعمال البهائم والدواب في الأرض والطير في الهواء حتى حفظ عليها حركاتها وأفعالها وأثبت ذلك منها في أم الكتاب وحشرها ثم جازاها على ما سلف منها في دار البلاء، أحرى أن لا يضيع أعمالكم ولا يفرط في حفظ أفعالكم التي تجترحونها أيها الناس حتى يحشركم فيجازيكم على جميعها، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا، إذ كان قد خصكم من نعمه وبسط عليكم من فضله ما لم يعم به غيركم في الدنيا، وكنتم بشكره أحق وبمعرفة واجبه عليكم أولى لما أعطاكم من العقل الذي به بين الأشياء تميزون والفهم الذي لم يعطه البهائم والطير الذي به بين مصالحكم ومضاركم تفرقون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: