بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:
* (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لتجدن يا محمد أشد الناس عداوة للذين صدقوك واتبعوك وصدقوا بما جئتهم به من أهل الاسلام، اليهود والذين أشركوا يعني عبدة الأوثان الذين اتخذوا الأوثان آلهة يعبدونها من دون الله. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا يقول: ولتجدن أقرب الناس مودة ومحبة. والمودة: المفعلة، من قول الرجل: وددت كذا أوده ودا وودا وودا ومودة: إذا أحببته. للذين آمنوا، يقول: للذين صدقوا الله ورسوله محمدا (ص). الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون عن قبول الحق واتباعه والاذعان به. وقيل: إن هذه الآية والتي بعدها نزلت في نفر قدموا على رسول الله (ص) من نصارى الحبشة، فلما سمعوا القرآن أسلموا واتبعوا رسول الله (ص). وقيل: إنها نزلت في النجاشي ملك الحبشة وأصحاب له أسلموا معه. ذكر من قال ذلك:
9608 - حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا خصيف، عن سعيد بن جبير، قال: بعث النجاشي وفدا إلى النبي (ص)، فقرأ عليهم النبي (ص) فأسلموا. قال: فأنزل الله تعالى فيهم: ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا... إلى آخر الآية. قال: فرجعوا إلى النجاشي فأخبروه، فأسلم النجاشي، فلم يزل مسلما حتى مات. قال: فقال رسول الله (ص): إن أخاكم النجاشي قد مات، فصلوا عليه فصلى عليه رسول الله (ص) بالمدينة والنجاشي بالحبشة.