وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأهما بالكسر: كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه على ابتداء الكلام، وأن الخبر قد انتهى عند قوله: كتب ربكم على نفسه الرحمة ثم استؤنف الخبر عما هو فاعل تعالى ذكره بمن عمل سوءا بجهال ثم تاب وأصلح منه. ومعنى قوله: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة: أنه من اقترف منكم ذنبا، فجهل باقترافه إياه. ثم تاب وأصلح فإنه غفور لذنبه إذا تاب وأناب وراجع بطاعة الله وترك العود إلى مثله مع الندم على ما فرط منه. رحيم بالتائب أن يعاقبه على ذنبه بعد توبته منه. ذكر من قال ذلك:
10357 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن عثمان، عن مجاهد:
من عمل منكم سوءا بجهالة قال: من جهل أنه لا يعلم حلالا من حرام، ومن جهالته ركب الامر.
10358 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك، مثله.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: يعملون السوء بجهالة قال: من عمل بمعصية الله، فذاك منه جهل حتى يرجع.
حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا بكر بن خنيس، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: من عمل منكم سوءا بجهالة قال: كل من عمل بخطيئة فهو بها جاهل.
10359 - حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا خالد بن دينار أبو خلدة، قال: كنا إذا دخلنا على أبي العالية قال: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: وكذلك نفصل الآيات وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحها يا محمد إلى هذا الموضع حجتنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلتنا، وميزناها لك وبيناها، كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حق ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم، فنبينها لك حتى تبين حقه من باطله وصحيحه من سقيمه.