عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يقول الله سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
وفي هذا الخبر من الله تعالى الدلالة الواضحة على خطأ ما قال أهل التفويض من القدرية المنكرون أن يكون عند الله لطائف لمن شاء توفيقه من خلقه، يلطف بها له حتى يهتدي للحق، فينقاد له وينيب إلى الرشاد، فيذعن به ويؤثره على الضلال والكفر بالله وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه لو شاء الهداية لجميع من كفر به حتى يجتمعوا على الهدى فعل، ولا شك أنه لو فعل ذلك بهم كانوا مهتدين لا ضلالا، وهم لو كانوا مهتدين كان لا شك أن كونهم مهتدين كان خيرا لهم. وفي تركه تعالى ذكره أن يجمعهم على الهدى ترك منه أن يفعل بهم في دينهم بعض ما هو خير لهم فيه مما هو قادر على فعله بهم وقد ترك فعله بهم، وفي تركه فعل ذلك بهم أوضح الدليل أنه لم يعطهم كل الأسباب التي بها يصلون إلى الهداية ويتسببون بها إلى الايمان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لا يكبرن عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربهم والاقرار بنبوتك، فإنه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك إلا الذين فتح الله أسماعهم للاصغاء إلى الحق وسهل لهم اتباع الرشد، دون من ختم الله على سمعه فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحق إلا ما تفقه الانعام من أصوات رعاتها، فهم كما وصفهم به الله تعالى: صم بكم عمي فهم لا يعقلون. والموتى يبعثهم الله يقول: والكفار يبعثهم الله مع الموتى، فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا ولا يعقلون دعاء ولا يفقهون قولا، إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله ولا يعتبرون آياته ولا يتذكرون فينزجرون عما هم عليه من تكذيب رسل الله وخلافهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10287 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: إنما يستجيب الذين يسمعون المؤمنون للذكر. والموتى الكفار، حين يبعثهم الله مع الموتى.