تعالى في وفائه لهم بما وعدهم على طاعتهم إياه، فيما أمرهم ونهاهم من جزيل ثوابه.
ذلك الفوز العظيم يقول: هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، مرضيا عنهم، وراضين عن ربهم، هو الظفر العظيم بالطلبة وإدراك الحاجة التي كانوا يطلبونها في الدنيا، ولها كانوا يعملون فيها، فنالوا ما طلبوا وأدركوا ما أملوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شئ قدير) *.
يقول تعالى ذكره: أيها النصارى لله ملك السماوات والأرض يقول: له سلطان السماوات والأرض، وما فيهن دون عيسى الذين تزعمون أنه إلهكم ودون أمه، ودون جميع من في السماوات ومن في الأرض فإن السماوات والأرض خلق من خلقه وما فيهن وعيسى وأمه من بعض ذلك بالحلول والانتقال، يدلان بكونهما في المكان الذي هما فيه بالحلول فيه والانتقال أنهما عبدان مملوكان لمن له ملك السماوات والأرض وما فيهن.
ينبههم وجميع خلقه على موضع حجته عليهم ليدبروه ويعتبروه، فيعقلوا عنه. وهو على كل شئ قدير يقول تعالى ذكره: والله الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهن، قادر على إفنائهن وعلى إهلاكهن وإهلاك عيسى وأمه ومن في الأرض جميعا كما ابتدأ خلقهم، لا يعجزه ذلك ولا شئ أراده لان قدرته القدرة التي لا يشبهها قدرة وسلطانه السلطان الذي لا يشبهه سلطان ولا مملكة.