قال المحقق الحلي المتوفى سنة 624 في المعتبر ج 2 ص 238:
(اتفق الأصحاب على استحباب القنوت في كل صلاة فرضا كانت أو نفلا مرة، وهو مذهب علمائنا كافة، وقال الشافعي: يستحب في الصبح خاصة بعد الركوع، ولو نسيه سجد للسهو لأنه سنة كالتشهد الأول، وفي سائر الصلاة إن نزلت نازلة قولا واحدا، وإن لم تنزل فعلى قولين. وبقوله قال أكثر الصحابة، ومن الفقهاء مالك قال:
وفي الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وقال أبو حنيفة: ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلا في الوتر خاصة فإنه مسنون. وقال أحمد: إن قنت في الصبح فلا بأس، وقال: يقنت أمراء الجيوش.
لنا: أن القنوت دعاء فيكون مأمورا به لقوله تعالى أدعوني أستجب لكم وقوله وقوموا لله قانتين، ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافيا للصلاة، وما رواه أحمد بن حنبل عن الفضل بن عباس قال (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتضرع، وتخشع، ثم تضع يديك ترفعهما إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك وتقول يا رب..) وعن البراء بن عازب قال (كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها) ورووا عن علي عليه السلام (أنه قنت في الصلاة المغرب على أناس وأشياعهم) وقنت النبي صلى الله عليه وآله في صلاة الصبح فقال (اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة واشدد وطأتك على مضر ورعل وذكوان وأرسل عليهم سنين كسني يوسف).
ومن طريق أهل البيت عليهم السلام روايات، منها رواية زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال (القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع) وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أيضا قال (القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة) وروى صفوان الجمال قال (صليت مع أبي عبد الله أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها) انتهى.
وهكذا تمسك الفقه الشيعي بسنة النبي صلى الله عليه وآله في القنوت باعتبار أنه تشريع ثابت مفتوح إلى يوم القيامة، يدعو فيه الفرد المسلم أو الحاكم المسلم إن شاء لنفسه وإخوانه، ويدعو فيه إن شاء على المنافقين والكافرين..