يصدق بعضها بعضا، كيف تصدق التوراة الفرقان والقرآن التوراة، فمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أكلمهم يوما، فقلت نعم، فقلت أنشدكم بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله؟ قالوا: نعم فقلت: هلكتم والله، تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه؟! فقالوا لم نهلك ولكن سألناه من يأتيه بنبوته؟ فقال: عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا، فقلت: ومن سلمكم من الملائكة؟ فقالوا: ميكائيل، ينزل بالقطر والرحمة وكذا، قلت وكيف منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر من الجانب الآخر. فقلت إنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا. ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أريد أن أخبره، فلما لقيته قال: ألا أخبرك بآيات أنزلت علي؟ فقلت: بلى يا رسول الله فقرأ: من كان عدوا لجبريل.. حتى بلغ (الكافرين) قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لا خبرك بما قالوا لي وقلت لهم، فوجدت الله قد سبقني، قال عمر: فلقد رأيتني وأنا أشد في دين الله من الحجر - ق وابن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم) وسنده صحيح لكن الشعبي لم يدرك عمر، وروى سفيان بن عيينة في تفسيره عن عكرمة نحوه، وله طرق أخرى مرسلة تأتي في المراسيل) انتهى.
وفي أسباب النزول للسيوطي ج 1 ص 21 أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع منهم التوراة.
وينبغي هنا نشير إلى أن ضعف السند في بعض الأحيان لا يضر بالاطمئنان بالرواية..
فعندما لا يكون للرواة ولا لجوهم العام الذي هو جو السلطة أو جو المعارضة، غرض في جعل الرواية، أو لا يستطيع الرواة أن يجعلوا الرواية حتى لو أرادوا ذلك.. وتكون القرائن من أحاديث أخرى أو من التاريخ تؤيد مضمون الرواية.. فإن ذلك يدل على أن الرواية لم تولد من فراغ، بل جاءت من واقع كان له نحو من الوجود.. وهذه الرواية من ذلك النوع الذي لا مصلحة للرواة الذين رووها في وضعها، بل لو أرادوا أن يضعوها عن لسان الخليفة لما استطاعوا!