الله، فقلت وما الحجة في ذلك؟ قال غير حجة، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر إرقيها بكتاب الله. فقلت للشافعي فإنا نكره رقية أهل الكتاب، فقال: ولم وأنتم تروون هذا عن أبي بكر، ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه. وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم، وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخف) انتهى. ورواه البيهقي في سننه ج 9 ص 347، كما روى أن امرأة عبد الله بن مسعود كانت تذهب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله إلى يهودي لرقية عينها.
وقال النووي في المجموع ج 9 ص 64 (فرع في جواز الرقية بكتاب الله تعالى وبما يعرف من ذكر الله... وروى البيهقي بإسناده الصحيح عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: دخل أبو بكر رضي الله عنه عليها وعندها يهودية ترقيها فقال:
إرقيها بكتاب الله عز وجل. وبإسناده الصحيح عن الربيع بن سليمان قال (سألت الشافعي عن الرقية...) إلى آخر ما تقدم، انتهى.
يلاحظ على هذه الفتوى المجمع عليها عند إخواننا السنيين، أن الخليفة أبا بكر لم ينه عائشة عن هذا العمل، وإنما طلب من المرأة اليهودية باحترام أن ترقيها ببعض آيات القرآن، باعتبار أن ذلك أفضل من الأدعية التي تقرؤها من عندها، أو أراد منها أن تضم إلى أدعيتها آيات من القرآن ليكون ذلك أرجى لشفاء بنته..! هذا إذا كان مقصوده بكتاب الله: القرآن، وإلا فيكون قصده: إرقيها بنص من التوراة، لا بدعاء من عندك! فتعبير كتاب الله كان يتبادر منه عندما يخاطب به يهودي: التوراة!
وبذلك يتضح أن الشرط الذي شرطه الشافعي وغيره لما يجب أن يقرأه اليهودي أو النصراني في رقية المسلم لا أساس له في الرواية. وغاية ما يمكن استفادته منها أن الأحسن للمسلم أن يطلب من الكتابي أن يقرأ على مريضه شيئا من (القرآن)..
خاصة وأن الذي يكلف أحدا أن يرقي مريضه لا يملي عليه ماذا يقرأ عليه، لأنه لا يكلفه بالرقية إلا وهو معتقد بأنه عبد صالح قريب إلى الله تعالى، فهو أعرف بما يقرأ عليه!