المشيئة الإلهية تساير حكمته تعالى، فعندما نسمع قول القائل: " إن الله إذا أراد بعبد خيرا... " يكون المراد العبد المستعد لهذه الموهبة. ومن المعلوم أن مقام الرسالة موهبة إلهية، ونحن نرى أن الأنبياء بالإضافة إلى الرسالة الإلهية لهم استعداد وأهلية لتحملها.
ثم يجيب على السؤال الثالث دون أن يجيب على الثاني، وكأن الاعتراض الثاني الذي هو الاستنان بسنة الأجداد ليس له أي أهمية وفارغ من المحتوى بحيث أن أي إنسان عاقل - بأقل تأمل - يفهم جوابه، بالإضافة إلى أن القرآن الكريم قد أجاب عنه في آيات اخر.
وجواب السؤال الثالث هو أن عملنا ليس الإتيان بالمعاجز، فنحن لا نجلس في مكان ونلبي لكم المعاجز الإقتراحية وكل ما سولت لكم أنفسكم، بل ما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله.
ومع ذلك فان كل نبي كان يظهر لقومه المعاجز بمقدار كاف بدون أن يطلبها الناس منه، وذلك لكي يثبت الأنبياء أحقيتهم ولتكون المعاجز سندا لصدقهم، مع أن مطالعة دعوتهم وحدها أكبر إعجاز لهم، ولكن المعترضين غالبا لم يصغوا لذلك، وهم يقترحون كل يوم شيئا جديدا، فإن لم يستجب لهم الرسول، يقيموا الدنيا ويقعدوها. ولكي يرد الرسل على تهديداتهم المختلفة يقولون: وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
وبعد ذلك استدل الأنبياء على مسألة التوكل حيث قالوا: وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا فالذي منحنا أفضل المواهب، يعني موهبة الهداية إلى طرق السعادة، سوف يقوم بحمايتنا في مقابل أي هجوم أو مشكلة تعترضنا.
ثم أضافوا: إن ملاذنا هو الله، ملاذ لا يقهر وهو فوق كل شئ: ولنصبرن على ما آذيتمونا وأخيرا أنهوا كلامهم بهذه الجملة: وعلى الله فليتوكل المتوكلون.