3 2 - الطمأنينة والخوف من الله طرح بعض المفسرين هنا هذا السؤال، وخلاصته: نحن قرأنا في الآية أعلاه ألا بذكر الله تطمئن القلوب ومن جانب آخر فإن الآية 2 من سورة الأنفال تقول: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم فهل إن هاتين الآيتين متناقضتين؟
الجواب: إن الطمأنينة المحمودة هي ما كانت في مقابل العوامل المادية التي تقلق الإنسان - كما أشرنا إليه سابقا - ولكن المؤمنين لابد وأن يكونوا قلقين في مقابل مسؤولياتهم، وبعبارة أخرى: إن المؤمنين لا يشكون من الاضطراب المدمر الذي يشكل غالبية أشكال القلق والاضطرابات، ولكن القلق البناء الذي يحس به الإنسان تجاه مسؤولياته أمام الله فهو المطلوب ولابد منه، وهذا هو الخوف من الله (1).
3 3 - ما هو ذكر الله، وكيف يتم؟
" الذكر " كما يقول الراغب في مفرداته: حفظ المعاني والعلوم، ويستعمل الحفظ للبدء به، بينما الذكر للاستمرار فيه، ويأتي في معنى آخر هو ذكر الشئ باللسان أو القلب، لذلك قالوا: إن الذكر نوعين " ذكر القلب " و " ذكر اللسان " وكل واحد منها على نوعين: بعد النسيان أو بدونه.
وعلى أية حال ليس المقصود من الذكر - في الآية أعلاه - هو ذكره باللسان فقط فنقوم بتسبيحه وتهليله وتكبيره، بل المقصود هو التوجه القلبي له وإدراك علمه وبأنه الحاضر والناظر، وهذا التوجه هو مبدأ الحركة والعمل والجهاد والسعي نحو الخير، وهو سد منيع عن الذنوب، فهذا هو الذكر الذي له كل هذه الآثار والبركات كما أشارت إليه عدة من الروايات.