3 2 - ما هو المقصود من جملة لكل قوم هاد؟
قال بعض المفسرين: إن هاتين الصفتين (منذر) و (هاد) صفتان للرسول، فأصل الجملة تكون (أنت منذر وهاد لكل قوم).
ولكن هذا التفسير خلاف الظاهر، لأن الواو في جملة ولكل قوم هاد تفصل بين جملة إنما أنت منذر ولو كانت كلمة " هاد " قبل " لكل قوم " كان المعنى السابق صحيحا. ولكن الأمر ليس كذلك.
والشئ الآخر هو أن هدف الآية بيان أن هناك قسمين من الدعوة إلى الله:
أحدهما أن يكون عمل الداعي هو الإنذار فقط. والآخر: أن يكون العمل هو الهداية.
وسوف تسألون حتما: ما هو وجه التفاوت بين (الإنذار) و (الهداية)؟ نقول في جواب هذا السؤال: إن الإنذار للذين أضلوا الطريق ودعوتهم تكون إلى الصراط المستقيم، ولكن الهداية والاستقامة للذين آمنوا.
وفي الحقيقة إن المنذر مثل العلة المحدثة، أما الهادي فبمنزلة العلة الباقية وهذه هي التي تعبر عنها بالرسول والإمام، فالرسول يقوم بتأسيس الشريعة والإمام يقوم بحفظها وحراستها. (ليس من شك أن الهداية في آيات أخرى مطلقة للرسول، ولكن بقرينة المنذر في هذه الآية نفهم أن المقصود من الهادي هو الشخص الحافظ والحامي للشريعة).
هناك روايات عديدة تؤكد ما قلناه سابقا، فقد قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):
" أنا المنذر وعلي الهادي ".
ولا بأس أن نشير إلى عدة من هذه الروايات:
1 - في ذيل هذه الآية من تفسير الفخر الرازي مرفوعا عن ابن عباس قال:
وضع رسول الله يده على صدره فقال: " أنا المنذر " ثم أومأ إلى منكب علي (عليه السلام) وقال: (أنت الهادي بك يهتدي المهتدون من بعدي) هذه الرواية ذكرها العلامة