بلقاء ربك م توقنون.
وتعقيبا للآيات السابقة التي نقلت الإنسان إلى السماء لتريه الآيات الإلهية هناك، تنقله الآية الثانية من آيات التوحيد إلى كتاب الكون أي الأرض والجبال والأنهار وأنواع الثمار وشروق الشمس وغروبها، حتى يتفكر في محل استقراره في البداية ماذا كان؟ وكيف أصبح الآن بهذه الصورة؟
قوله تعالى: وهو الذي مد الأرض وبسطها بالشكل الذي تتهيأ فيه لحياة الإنسان ونمو النباتات والحيوانات، وملأ الأودية والمنحدرات الصعبة بالتراب من خلال تفتت الصخور الجبلية، وجعل الأرض مسطحة وقابلة للسكن، بعد أن كانت التضاريس مانعة من سكن الإنسان عليها.
وقد يحتمل في تفسير هذه الجملة مد الأرض الإشارة إلى ما يقوله علماء الطبيعة من أن الأرض كانت مغطاة بالماء. ثم استقرت المياه في الوديان ظهرت اليابسة، وبمرور الوقت اتسعت حتى أصبحت على ما نراه اليوم.
ثم يشير القرآن الكريم إلى ظهور الجبال وجعل فيها رواسي فهي تلك الجبال التي عبرت عنها في آيات أخرى ب (الأوتاد) ولعل ذلك إشارة إلى أنها متشابكة فيما بينها من الأسفل مثلها مثل الدرع الواقي وتغطي سطح الأرض، فهي تبطل الضغوط الداخلية في الأسفل والضغط الخارجي المتمثل بجاذبية القمر والمد والجزر. وكذلك تقضي على الاضطرابات والزلازل، وتجعل الأرض مستقرة وساكنة وصالحة لحياة الإنسان.
إن ذكر القرآن الكريم الجبال بعد مد الأرض يحتمل أن يكون المراد منه أن الأرض ليست منبسطة بشكل تام بحيث تنعدم فيها المرتفعات، ففي هذه الصورة لا تستقر فيها الأمطار والمياه، أو تتحول إلى مستنقعات وتجري فيها السيول وتتعرض للطوفانات الدائمة، فخلق الجبال لتأمن البشرية من هذين الأمرين.
وليست الأرض كلها جبالا ووديانا فتكون غير قابلة للسكن، بل تحتوي