قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى.
هؤلاء الرسل هم كباقي الناس يعيشون في المدن والقرى، ويتجولون بين الناس ويشعرون بآلامهم واحتياجاتهم ومشاكلهم.
فالوصف هنا ب من أهل القرى بالإضافة إلى ما تشمله القرية في اللغة من معنى المدينة أو الريف في مقابل " البدو " التي تطلق على أهل الصحراء، فإنها قد تشير إلى أن أنبياء الله لم ينهضوا من بين سكنة الصحراء - كما صرح بذلك بعض المفسرين - لأن سكان البادية يتصفون بالجهل وعدم المعرفة وقلوبهم قاسية ويمتازون بقلة معلوماتهم عن الحياة ومتطلباتها.
صحيح أن أكثر سكان أرض الحجاز كانوا من البدو، ولكن الرسول من أهل مكة التي تعتبر مدينة كبيرة نسبيا، وصحيح أيضا أن مدينة كنعان لو قيست بأرض مصر التي كان يوسف يحكم فيها لكانت صغيرة وغير مهمة ولذلك كان يعبر عنها بالبدو. ولكن نحن نعلم أن يعقوب وأبناءه لم يكونوا من أهل البادية أبدا، فهم كانوا يعيشون في هذه المدينة الصغيرة كنعان.
ثم يبين القرآن الكريم: إذا ما أراد هؤلاء أن يعلموا عاقبة مخالفتهم لدعوتك التي هي الدعوة إلى الله فإن عليهم أن يسيروا ليروا آثار السابقين: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم.
إن السير والتجوال في الأرض لمشاهدة آثار الماضين وخراب دورهم ومدنهم بسبب العذاب الإلهي، أفضل درس لهم، درس حي وملموس للجميع.
ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون.
لماذا؟ لأن الدنيا دار مليئة بالمصائب والآلام وغير باقية، أما الآخرة فدار خالدة وخالية من الآلام والعذاب.
حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء.