وإنما هي برزخ " وسط " بينهما.
و " المنضود " من مادة " نضد " ومعناه كون الشئ مصفوفا وموضوعا بشكل متتابع ومتراكم، أي إن هذا المطر كان متتابعا سريعا إلى درجة حتى كأن هذه الأحجار تتراكب بعضها فوق بعض فتكون " منضودة ".
ولكن هذه الأحجار ليست أحجارا عادية، بل هي أحجار فيها علامات عند الله مسومة عند ربك.
ولا تتصوروا أن هذه الأحجار مخصوصة بقوم لوط، بل وما هي من الظالمين ببعيد.
هؤلاء القوم المنحرفون ظلموا أنفسهم وظلموا مجتمعهم، لعبوا بمصير أمتهم كما هزأوا بالإيمان والأخلاق الإنسانية، وكلما نصحهم نبيهم باخلاص وحرقة قلب لم يسمعوا له وسخروا منه، وبلغت صلافتهم وعدم حيائهم حدا أنهم أرادوا الاعتداء على ضيوف زعيمهم ويهتكوا حرمتهم.
هؤلاء الذين كانوا قد قلبوا كل شئ يجب أن تنقلب مدينتهم عليهم، ولا يكفي أن يغدو عليها سافلها، بل ليمطروا بوابل من الأحجار تدمر كل شئ من " معالم الحياة " هناك ولا يبقى منهم سوى صحراء موحشة وقبور مظلمة تحت ركام الأحجار الصغيرة.
وهل أن الذين ينبغي معاقبتهم هم قوم لوط فحسب؟ قطعا لا. فكل جماعة منحرفة وأمة ظالمة ينتظرها مثل هذا المصير، فتارة تكون تحت وابل الأحجار، وأخرى تحت ضربات القنابل المحرقة، وحينا تحت ضغط الاختلافات الاجتماعية القاتلة، وأخيرا فإن لكل شكلا من العذاب وصورة معينة.
* * *