يوسف صمم على الذنب، ولكنه لاحظ فجأة حالة من المكاشفة بين جبرئيل ويعقوب وهو يعض على إصبعه، فرأى يوسف هذا المنظر وتخلف عن إقدامه على هذا الذنب.. فهذه الروايات ليس لها أي سند معتبر.. وهي روايات إسرائيلية أنتجتها الذهنيات البشرية الضيقة التي لم تدرك مقام النبوة أبدا.
والآن لنتوجه إلى تفسير بقية الآية إذ يقول القرآن المجيد: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه كان من عبادنا المخلصين. وهي إشارة إلى أن هذا الإمداد الغيبي والإعانة المعنوية لإنقاذ يوسف من السوء والفحشاء من قبل الله لم يكن اعتباطا، فقد كان عبدا عارفا مؤمنا ورعا ذا عمل صالح طهر قلبه من الشرك وظلماته، فكان جديرا بهذا الإمداد الإلهي.
وبيان هذا الأمر يدل على أن مثل هذه الإمدادات الغيبية، في لحظات الشدة والأزمة التي تدرك الأنبياء - كيوسف مثلا - غير مخصوصة بهم، فإن كل من كان في زمرة عباد الله الصالحين المخلصين فهو جدير به هذه المواهب أيضا.
* * * 2 ملاحظات 3 1 - جهاد النفس نحن نعرف أن أعظم الجهاد في الإسلام هو جهاد النفس، الذي عبر عنه في حديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ب " الجهاد الأكبر " أي هو جهاد أعظم من جهاد العدو الذي عبر عنه بالجهاد الأصغر.. وإذا لم يتوفر في الإنسان الجهاد الأكبر بالمعنى الواقعي - أساسا - فلن ينتصر في جهاده على أعدائه.
وفي القرآن المجيد ترتسم صور شتى في ميادين الجهاد، وتتجلى فيها علاقة الأنبياء وأولياء الله الصالحين. وقصة يوسف وما كان من عشق امرأة العزيز الملتهب واحدة من هذه الصور، وبالرغم من أن القرآن لم يوضح جميع ما في القصة من خفايا وزوايا، إلا أنه أجملها بصورة موجزة في جملة قصيرة هي