أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رده وهو بن أربع عشرة سنة ليس لأنه غير بالغ ولكن لما رأى من ضعفه وأجازه وهو بن خمس عشرة سنة ليس لأنه بالغ لكن لما رأى من جلده وقوته وقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علم كم سنه في الحالين جميعا وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في سمرة بن جندب ما يدل على هذا أيضا حدثنا أحمد بن مسعود الخياط قال ثنا محمد بن عيسى الطباع قال ثنا هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن سمرة بن جند بأن أمه كانت امرأة جميلة من بني فزارة فذهبت به إلى المدينة وهو صبي وكثر خطابها فجعلت تقول لا أتزوج إلا من يكفل لي بابني هذا فتزوجها رجل على ذلك فلما فرض النبي صلى الله عليه وسلم لغلمان الأنصار ولم يفرض له كأنه استضعفه فقال يا رسول الله قد فرضت لصبي ولم تفرض لي أنا أصرعه قال صارعه فصرعته ففرض له النبي صلى الله عليه وسلم فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم سمرة بن جندب لما صارع الأنصاري فصرعه لا لأنه قد بلغ احتمل أن يكون كذلك أيضا ما فعل في بن عمر رضي الله عنهما أجازه حين أجازه لقوته لا لبلوغه ورده حين رده لضعفه لا لعدم بلوغه فانتفى بما ذكرنا أن يكون في ذلك الحديث حجة لأبي يوسف رحمة الله عليه لاحتماله ما ذهب إليه أبو حنيفة لان أبا حنيفة رحمة الله عليه لا ينكر أن يفرض للصبيان إذا كانوا يحتملون القتال ويحضرون الحرب وإن كانوا غير بالغين وقد روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه فيما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر بن عمر خلاف ما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم انا وابن عمر يوم بدر فاستصغرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أجازنا يوم أحد قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز بن عمر يوم أحد وهو يومئذ بن أربع عشرة سنة فخالف ذلك ما روينا في حديث بن عمر رضي الله عنهما فلما انتفى أن يكون في ذلك الحديث حجة لأحد الفريقين على الفريق الآخر التمسنا حكم ذلك من طريق النظر لنستخرج من القولين الذين ذهب أبو حنيفة إلى أحدهما وأبو يوسف إلى الآخر منهما قولا صحيحا فاعتبرنا ذلك فرأينا الله قد جعل عدة المرأة إذا كانت ممن تحيض ثلاثة قروء وجعل عدتها إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ثلاثة أشهر فجعل بدلا من حيضة شهرا وقد تكون المرأة تحيض في أول الشهر وفي آخره فيجتمع لها في شهر واحد حيضتان وقد يكون بين حيضتيها شهران والأكثر فجعل الخلف في الحيضة على أغلب أمور النساء لان أكثرهن تحيض في كل شهر حيضة واحدة
(٢١٩)