قال أبو جعفر فلما لما ينههم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغارة وقد كانوا يصيبون فيها الولدان والنساء الذين يحرم القصد إلى قتلهم دل ذلك أن ما أباح في هذه الآثار لمعنى غير المعنى الذي من أجله حظر ما حظر في الآثار الأول وأن ما حظر في الآثار الأول هو القصد إلى قتل النساء والولدان والذي أباح هو القصد إلى المشركين وإن كان في ذلك تلف غيرهم ممن لا يحل القصد إلى تلفه حتى تصح هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تتضاد وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغارة على العدو وأغار على الآخرين في آثار عدد قد ذكرناها في باب الدعاء قبل القتال ولم يمنعه من ذلك ما يحيط به علمنا أنه قد كان يعلم أنه لا يؤمن من تلف الولدان والنساء في ذلك ولكنه أباح ذلك لهم لان قصدهم كان إلى غير تلفهم فهذا يوافق المعنى الذي ذكر ت مما في حديث الصعب والنظر يدل على ذلك أيضا وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي عض ذراعه رجل فانتزع ذراعه فسقطت ثنيتا العاض أنه أبطل ذلك وتواترت عنه الآثار في ذلك فمنها ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن أبي إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن عميه سلمة بن أمية ويعلى بن أمية قال أخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ومعنا صاحب لنا فقاتل رجلا من المسلمين فعض الرجل ذراعه فجبذها من فيه فنزع ثنيته فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس العقل فقال ينطلق أحدكم إلى أخيه فيضعه عضيض الفحل ثم يأتي يطلب العقل لا عقل لهما فأبطلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني بن جريج عن عطاء بن أبي رباح أن صفوان بن يعلى بن أمية حدثه عن يعلى بن أمية قال كان لي أجير فقاتل إنسانا فعض أحدهما صاحبه فانتزع إصبعه فسقطت ثنيتاه فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر ثنيته قال عطاء حسبت أن صفوان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدع يده في فيك فتقضمها كقضم الجمل حدثنا ابن مرزوق قال حدثني أبو عامر العقدي قال ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن يعلى بن أمي فذكر نحوه إلا أنه قال كقضم البكر حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حبان قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين أن رجلا عض ذراع رجل فانتزع ذراعه فسقطت ثنيتا الذي عضه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أردت أن تقضم يد أخيك كما يقضم الفحل فأبطلها حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا شعبة عن قتادة فذكر بإسناده مثله
(٢٢٣)