هذا وجه يحتمله هذا الحديث وليس لأحد إذا كان حديث مثل هذا يحتمل وجهين متكافئين أن يعطفه على أحدهما دون الآخر إلا بدليل من غيره يدل أن معناه على ما عطفه عليه فنظرنا في ذلك هل نجد من ذلك شيئا يدل على شئ من ذلك فقال أهل المقالة الأولى فقد قال الله عز وجل فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة الآية فأخبر الله عز وجل في هذه الآية أن للولي أن يعفو أو يتبع القاتل بإحسان فاستدلوا بذلك أن للولي إذا عفى ان يأخذ الدية من القاتل وإن لم يكن اشترط ذلك عليه في عفوه عنه قيل لهم ما في هذا دليل على ما ذكرتم وقد يحتمل ذلك وجوها أحدها ما وصفتم ويحتمل أيضا فمن عفي له من أخيه شئ على الجهة التي قلنا برضاء القاتل أن يعفو عنه على ما يؤخذ منه وقد يحتمل أيضا أن يكون ذلك في الدم الذي يكون بين جماعة فيعفو أحدهم فيتبع الباقون القاتل بحصصهم من الدية بالمعروف ويؤدى ذلك إليهم بإحسان هذه تأويلا ت قد تأولت العلماء هذه الآية عليها فلا حجة فيها لبعض على بعض إلا بدليل آخر في آية أخرى متفق على تأويلها أو سنة أو إجماع وفي حديث أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو بالخيار بين أن يعفو أو يقتل أو يأخذ الدية فجعل عفوه غير أخذه الدية فثبت بذلك أنه إذا عفا فلا دية له وإذا كان لا دية له إذا عفا عن الدم ثبت بذلك أن الذي كان وجب له هو الدم وأن أخذه الدية التي أبيحت له هو بمعنى أخذها بدلا من القتل والابدال من الأشياء لم نجدها تجب إلا برضاء من تجب عليه ورضاء من تجب له فإذا ثبت ذلك في القتل ثبت ما ذكرنا وانتفى ما قال المخالف لنا ولما لم يكن فيما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم ما يدل عليه نظرنا هل للآخرين خبر يدل على ما قالوا فإذا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق قد حدثانا قالا ثنا عبد الله بن بكر السهمي ح وحدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قالا ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك بن النضر أن عمته الربيع لطمت جارية فكسرت ثنيتها فطلبوا إليهم العفو فأبوا والأرض فأبوا إلا القصاص
(١٧٦)