بالخبل الجراح فوليه بالخيار بين إحدى ثلاث بين أن يعفو أو يقتص أو يأخذ الدية فإن أتى الرابعة فخذوا على يديه فإن قبل واحدة منهن ثم عدى بعد ذلك فله النار خالدا فيها مخلدا حدثنا علي بن معبد قال ثنا سعيد بن سليمان قال ثنا عباد عن أبي إسحاق قال أخبرني الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العرجاء عن أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ففي هذا الحديث أن حكم الجراح العمد فيما يجب في كواحد منهما من القصاص والدية قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الرجل إذا قتل عمدا فوليه بالخيار بين أن يعفو أو يأخذ الدية أو يقتص رضي بذلك القاتل أو لم يرض واحتجوا في ذلك بهذه الآثار وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس له أن يأخذ الدية إلا برضاء القاتل وكان من الحجة لهم أن قوله أو يأخذ الدية قد يجوز أن يكون على ما قال لأهل المقالة الأولى ويجوز أن يأخذ الدية إن أعطيها كما يقال للرجل خذ بدينك إن شئت دراهم وإن شئت دنانير وإن شئت عروضا وليس يراد بذلك أنه يأخذ ذلك رضي الذي عليه الدين أو كره ولكن يراد إباحة ذلك له إن أعطيه فإن قال قائل وما حاجتهم إلى ذكر هذا قيل له لما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عباس قال كان القصاص في بني إسرائيل ولم يكن فيهم دية فقال الله عز وجل لهذه الأمة كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر إلى قوله فمن عفي له من أخيه شئ والعفو في أن يقبل الدية في العمد ذلك تخفيف من ربكم مما كان كتب على من كان قبلكم فأخبر بن عباس رضي الله عنهما أن بني إسرائيل لم يكن فيهم دية أي إن ذلك كان حراما عليهم أن يأخذوه أو يتعرضوا بالدم بدلا أو يتركوه حتى يسفكوه وأن ذلك مما كان كتب عليهم فخفف الله تعالى عن هذه الأمة ونسخ ذلك الحكم بقوله فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان معناه إذا وجب الأداء وسنبين ما قيل في ذلك في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أيضا على هذه الجهة فقال من قتل له ولي فهو بالخيار بين أ يقتص أو يعفو أو يأخذ الدية التي أبيحت لهذه الأمة وجعل لهم أخذها إذا أعطوها
(١٧٥)