أنه قد يحتمل أن يكون ما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم من القتل في ذلك حقا لله عز وجل وجعل اليهودي كقاطع الطريق الذي يكون ما وجب عليه حدا من حدود الله عز وجل فإن كان ذلك كذلك فإن قاطع الطريق إذا قتل بحجر أو بعصا وجب عليه القتل في قول الذي يزعم أنه لا قود على من قتل بعصا وقد قال بهذا القول جماعة من أهل النظر وقد قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الخناق إن عليه الدية وأنه لا يقتل إلا أن يفعل ذلك غير مرة فيقتل ويكون ذلك حدا من حدود الله عز وجل فقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي على ما في حديث أنس رضي الله عنه لأنه وجب عليه القتل لله عز وجل كما يجب على قاطع الطريق فإن كان ذلك كذلك فإن أبا حنيفة رضي الله عنه يقول كل من قطع الطريق فقتل بعصا أو حجر أو فعل ذلك في المصر يكون حكمه فيما فعل حكم قاطع الطريق وكذلك الخناق الذي قد فعل ذلك غير مرة أنه يقتل وقد كان ينبغي في القياس على قوله أن يكون يجب على من فعل ذلك مرة واحدة القتل ويكون ذلك حدا من حدود الله عز وجل كما يجب إذا فعله مرارا لأنا رأينا الحدود يوجبها انتهاك الحرمة مرة واحدة ثم لا يجب على من انتهك تلك الحرمة ثانية إلا ما وجب عليه في انتهاكها في البدء فكان النظر فيما وصفنا أن يكون الجاني الخناق كذلك أيضا وأن يكون حكمه في أول مرة هو حكمه في آخر مرة هذا هو النظر في هذا الباب وفي ثبوت ما ذكرنا ما يرفع أن يكون في حديث أنس رضي الله عنه حجة على من يقول من قتل رجلا بحجر فلا قود عليه وكان من حجة أبي حنيفة رضي الله عنه أيضا في قوله هذا ما حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل فضربت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبدا وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم فقال حمل بن مالك بن النابغة الهذلي يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا أستهل فمثل ذلك بطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجعه
(١٨٧)