النصف الآخر وهو ألف وثمانمائة سهم لنوائبه وما نزل به من أمور المسلمين. وإنما قسمت على ألف وثمانمائة سهم لأنها كانت طعمة من الله لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب عنها وكانوا ألفا وأربعمائة، وكان معهم مائتا فارس لكل فرس سهمان، فقسمت على ألف وثمانمائة سهم، ولم يغب عن خيبر من أهل الحديبية إلا جابر بن عبد الله فقسم له صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها وقسم للفارس ثلاثة سهام وللراجل سهما وكانوا ألفا وأربعمائة وفيهم مائتا فارس، وهذا هو الصحيح. قال البيهقي: أن خيبر فتح شطرها عنوة وشطرها صلحا، فقسم ما فتح عنوة بين أهل الخمس والغانمين وعزل ما فتح صلحا لنوائبه وما يحتاج إليه من أمور المسلمين انتهى.
قال شمس الدين ابن القيم: وهذا بناء منه على أن أصل الشافعي أنه يجب قسم الأرض المفتحة عنوة كما تقسم الغنائم، فلما لم يجد قسم الشطر من خيبر قال أنه فتح صلحا.
ومن تأمل السير والمغازي حق التأمل تبين له أن خيبر إنما فتحت عنوة، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استولى على أرضها كلها بالسيف كلها عنوة، ولو شئ منها فتح صلحا لم يجليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فإنه لما عزم على إخراجهم منها قالوا نحن أعلم بالأرض منكم دعونا نكون فيها ونعمرها لكم بشطر ما يخرج منها، وهذا صريح جدا في أنها إنما فتحت عنوة.
وقد حصل بين اليهود والمسلمين من الحرب والمبارزة والقتل من الفريقين ما هو معلوم، ولكنهم لما ألجئوا إلى حصنهم نزلوا على الصلح الذي ذكر أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة والسلاح، ولهم رقابهم وذريتهم ويحلوا من الأرض، فهذا كان الصلح ولم يقع بينهم صلح أن شيئا من أرض خيبر لليهود ولا جرى ذلك البتة، ولو كان كذلك لم يقل نقركم ما شئنا، فكيف يقرهم على أرضهم ما شاء أولا، وكان عمر أجلاهم كلهم من الأرض ولم يصالحهم أيضا على أن الأرض للمسلمين وعليها خراج يؤخذ منهم. هذا لم يقع فإنه لم يضرب على خيبر خراجا البتة. فالصواب الذي لا شك فيه أنها فتحت عنوة والإمام مخير في أرض العنوة بين قسمها ووقفها، وقسم بعضها ووقف البعض، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنواع الثلاثة، فقسم قريظة والنضير ولم يقسم مكة، وقسم شطر خيبر وترك شطرها انتهى. ويجئ بعض الكلام في آخر الباب.
(الوطيحة) بفتح الواو وكسر الطاء فتحتية ساكنة فحاء مهملة حصن من حصون خيبر.
قاله ابن الأثير، وزاد في المراصد سمي بالوطيح بن مازن رجل من ثمود وكان الوطيح أعظم حصون خيبر وأحصنها وآخرها فتحا هو والسلالم (والكتيبة) بالمثناة الفوقية بعد الكاف مصغر.