قال الخطابي: فيه من الفقه أن الأرض إذا غنمت قسمت كما يقسم المتاع والخرثي لا فرق بينها وبين غيرها من الأموال.
والظاهر من أمر خيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحها عنوة فإذا كانت عنوة فهي مغنومة، وإذا صارت غنيمة فإنما حصته من الغنيمة خمس الخمس وهو سهمه الذي سماه الله تعالى في قوله تعالى: (واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فكيف يكون له النصف منها أجمع حتى يصرفه في حوائجه ونوائبه على ظاهر ما جاء في الحديث. قلت: وإنما يشكل هذا على من لا يتتبع طرق الأخبار المروية في فتوح خيبر حتى يجمعها ويرتبها، فمن فعل ذلك يبين صحة هذه القسمة من حيث لا يشكل معناه.
وبيان ذلك أن خيبر كانت لها قرى وضياع خارجة عنها منها الوطيحة والكتيبة والشق والنطاة والسلاليم وغيرها من الأسماء، فكان بعضها مغنوما وهو ما غلب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سبيلها القسم، وكان بعضها باقيا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكان خاصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه حيث أراه الله تعالى من حاجته ونوائبه ومصالح المسلمين، فنظروا إلى مبلغ ذلك كله فاستوت القسمة فيها على النصف والنصف وقد بين ذلك الزهري انتهى: أي حيث قال إن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحا وبيانه سيأتي (على ثمانية عشر سهما) وهي نصف ستة وثلاثين سهما وهي القسمة الحاصلة من تقسيم خيبر.
والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم قسم خيبر ستة وثلاثين سهما فعزل نصفها أعني ثمانية عشر سهما لنوائبه وحاجته، وقسم الباقي وهو ستة عشر سهما بين المسلمين. والحديث سكت عنه المنذري.
(لما أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر) أي أعطاها من غير حرب ولا جهاد (جمع كل سهم مائة سهم) يعني أعطى لكل مائة رجل سهما. قاله القاري.
قال الحافظ شمس الدين ابن القيم: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ستة وثلاثين سهما، جمع كل سهم مائة سهم، فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم كسهم أحد المسلمين وعزل