عليه. وأجيب عنه أن الزجر منه صلى الله عليه وسلم إنما كان لترك الصلاة لا للدفن بالليل أو لأجل أنهم كانوا يدفنون بالليل لرداءة الكفن فالزجر إنما هو لما كان الدفن بالليل مظنة إساءة الكفن كما تقدم، فإذا لم يقع تقصير في الصلاة على الميت وتكفينه فلا بأس بالدفن ليلا، وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلا كما رواه أحمد عن عائشة، وكذا دفن أبو بكر ليلا كما عند ابن أبي شيبة وحديث جابر في الباب سكت عنه المنذري.
(باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض إلخ) (عن نبيح) بمهملة مصغر هو ابن عبد الله العنزي مقبول من الثالثة. قاله في التقريب (أن تدفنوا القتلى) جمع القتيل وهو المقتول أي الشهداء (في مضاجعهم) أي مقاتلهم والمعنى لا تنقلوا الشهداء من مقتلهم بل ادفنوهم حيث قتلوا، وكذا من مات في موضع لا ينقل إلى بلد آخر قاله بعض الأئمة، والظاهر أن نهي النقل مختص بالشهداء، لأنه نقل ابن أبي وقاص من قصره إلى المدينة بحضور جماعة من الصحابة ولم ينكروا، والأظهر أن يحمل النهي على نقلهم بعد دفنهم لغير عذر، ويؤيده لفظ: " مضاجعهم " قاله القاري.
وقال العيني: وأما نقل الميت من موضع إلى موضع فكرهه جماعة وجوزه آخرون، وقال المازري: ظاهر مذهبنا جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، وقد مات سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بالعقيق ودفنا بالمدينة انتهى أي كما أخرجه مالك في الموطأ.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء في خلافة علي قال شريك نقله ابنه الحسن إلى المدينة. وقال المبرد عن محمد بن حبيب: أول من حول من قبر إلى قبر علي رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز قال " لما قتل علي بن أبي طالب حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وفي هذه الآثار جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل.