(باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت) (لا يموت أحدكم إلخ) أي لا يموت أحدكم في حال من الأحوال إلا في هذه الحالة وهي حسن الظن بالله بأن يغفر له، فالنهي وإن كان في الظاهر عن الموت وليس إليه ذلك حتى ينتهى، لكن في الحقيقة عن حالة ينقطع عندها الرجاء لسوء العمل كيلا يصادفه الموت عليها قاله على القاري.
وقال في مرقاة الصعود: زاد ابن أبي الدنيا في حسن الظن فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله في حقهم (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين) قال الخطابي: إنما يحسن الظن بالله من حسن عمله، فكأنه قال أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله، فمن ساء عمله ساء ظنه. وقد يكون أيضا حسن الظن بالله من ناحية [جهة] الرجاء وتأميل العفو. وقال الرافعي في تاريخ قزوين: يجوز أن يريد به الترغيب في التوبة والخروج من المظالم، فإنه إذا فعل ذلك حسن ظنه ورجا الرحمة.
وقال النووي في شرح المهذب: معنى تحسين الظن بالله تعالى أن يظن أن الله تعالى يرحمه ويرجو ذلك بتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله تعالى وعفوه وما وعد به أهل التوحيد وما سيبدلهم من الرحمة يوم القيامة كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح " أنا عند ظن عبدي بي " هذا هو الصواب في معنى الحديث وهو الذي قاله جمهور العلماء. وشذ الخطابي فذكر تأويلا آخر أن معناه أحسنوا أعمالكم حتى يحسن ظنكم بربكم، فمن حسن عمله حسن ظنه، ومن ساء عمله ساء ظنه، وهذا تأويل باطل نبهت عليه لئلا يغتر به انتهى. قال المنذري: والحديث أخرجه مسلم وابن ماجة.