وقوله والمجنبتين بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون المشددة. قال في النهاية مجنبة الجيش هي التي في الميمنة والميسرة، وقيل الكتيبة تأخذ إحدى ناحية الطريق والأول أصح كذا في شرح المواهب. والحسر بضم الحاء وتشديد الشين المهملتين أي الرجالة الذين لا دروع لهم. والبياذقة هم الرجالة وهو فارسي معرب قاله النووي.
وقال الحلبي: وجعل صلى الله عليه وسلم الزبير على إحدى المجنبتين أي وهما الكتيبتان تأخذ إحداهما اليمين والأخرى اليسار والقلب بينهما وخالد أعلى الأخرى، وأبا عبيد على الرجالة، وقد أخذوا بطن الوادي، ولعل ذلك كان قبل الدخول إلى مكة لما سيأتي أنه صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير راية وأمره أن يغرزها بالحجون لا يبرح في ذلك المحل، وفي ذلك المحل بنى مسجد يقال له مسجد الراية انتهى. في شرح المواهب قال عروة: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل مكة من أعلى مكة من كداء بالفتح والمد، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدى بالضم والقصر. قال الحافظ:
ومرسل عروة هذا مخالف للأحاديث الصحيحة المسندة في البخاري أن خالدا دخل من أسفل مكة أي الذي هو كدى بالقصر والنبي صلى الله عليه وسلم دخل من أعلاها أي الذي هو بالمد، وبه جزم ابن إسحاق وموسى بن عقبة فلا شك في رجحانه.
قال الحافظ: وقد ساق دخول خالد والزبير موسى بن عقبة سياقا واضحا فقال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم وأمره أن يدخل من كداء أي بالفتح والمد بأعلى مكة وأمره أن يركز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه، وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيرهم وأمره أن يدخل من أسفل مكة وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت واندفع خالد بن الوليد حتى دخل من أسفل مكة (اهتف بالأنصار) أي صح بالأنصار ولا يأتني إلا أنصاري فأطافوا به كما عند مسلم.
وفي رواية له " أدع لي الأنصار فدعوتهم فجاؤوا يهرولون " وحكمة تخصيصهم عدم قرابتهم لقريش فلا تأخذهم بهم رأفة (اسلكوا هذا الطريق) أي طريق أعلى مكة لأن خالد بن الوليد ومن معه أخذوا أسفل من بطن الوادي، وأخذ هو صلى الله عليه وسلم ومن معه أعلى مكة.
ولفظ مسلم " وقال يا معشر الأنصار هل ترون أو باش قريش؟ قالوا نعم، قال انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا " (فلا يشرفن) من أشرف أي لا يطلع عليكم (أحد) من أتباع قريش ممن قدمهم فإنهم قدموا أتباعا وقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شئ كنا معهم وإن