(باب صنعة الطعام لأهل الميت) (اصنعوا للآل جعفر طعاما) فيه مشروعية القيام بمؤونة أهل الميت مما يحتاجون إليه من الطعام لاشتغالهم عن أنفسهم بما دهمهم من المصيبة. قاله في النيل. وقال السندي: فيه أنه ينبغي للأقرباء أن يرسلوا لأهل الميت طعاما (أمر يشغلهم) من باب منع أي عن طبخ الطعام لأنفسهم. وعند ابن ماجة " قد أتاهم ما يشغلهم أو أمر يشغلهم " وفي رواية له " إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم فاصنعوا لهم طعاما ".
قال ابن الهمام في فتح القدير شرح الهداية: يستحب لجيران أهل الميت والأقرباء الأباعد تهيئة طعام لهم يشبعهم ليلتهم ويومهم، ويكره اتخاذ الضيافة من أهل الميت لأنه شرع في السرور لا في الشرور وهي بدعة مستقبحة انتهى.
ويؤيده حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: " كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة " أخرجه ابن ماجة وبوب باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام، وهذا الحديث سنده صحيح ورجاله على شرط مسلم. قاله السندي. وقال أيضا: قوله كنا نرى هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة أو تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني فحكمه الرفع وعلى التقديرين فهو حجة.
وبالجملة فهذا عكس الوارد إذ الوارد أن يصنع الناس الطعام لأهل الميت فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا لأجلهم الطعام قلب لذلك: وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لأهل الميت قلب للمعقول لأن الضيافة حقا أن تكون للسرور لا للحزن انتهى.
قال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حسن صحيح.