(باب في الخليفة يستخلف) والاستخلاف هو تعيين الخليفة عند موته خليفة بعده أو يعين جماعة ليتخيروا منهم واحدا.
(قال عمر) أي قيل لعمر رضي الله عنه لما أصيب ألا تستخلف خليفة بعدك على الناس، فقال عمر في جوابه (إن لا أستخلف) أي أن أترك الاستخلاف (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف) أي لم يجعل أحدا بعينه خليفة نصا (وإن أستخلف) أنا أحدا بالتعيين (فإن أبا بكر قد استخلف) أي جعل عمر خليفة وقت وفاته، فأخذ عمر وسطا من الأمرين فلم يترك التعيين بمرة ولا فعله منصوصا على الشخص المستخلف وجعل الأمر في ذلك شوري بين من قطع لهم بالجنة، وأبقي النظر للمسلمين في تعيين من اتفق عليه رأى الجماعة الذين جعلت الشورى فيهم. قاله القسطلاني: قال النووي: حاصله أن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضره مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر. وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة، وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شوري بين جماعة كما فعل عمر بالستة، وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل انتهى (قال) أي ابن عمر ما هو أي عمر (إلا أن ذكر) أي عمر (رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر) أي قصة عدم الاستخلاف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة الاستخلاف عن أبي بكر رضي الله عنه (لا يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا) قال في القاموس: عدل فلانا بفلان سوى بينهما انتهى (وأنه) أي عمر (غير مستخلف) أحدا كما لم يستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي.