(ونزل من نزل أهلها على الجلاء) أي على الخروج من الوطن. قال المنذري:
وهذا أيضا مرسل.
ثم اعلم أنه اختلف في فتح خيبر هل كان عنوة كما قال أنس رضي الله عنه وابن شهاب في رواية يونس عنه أو صلحا أو بضمها صلحا والباقي عنوة كما رواه مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب، وفي حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس التصريح بأنه كان عنوة. قال حافظ المغرب ابن عبد البر: هذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة كلها مغلوبا عليها بخلاف فداك، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين لها الموجفين عليها بالخيل والركاب وهم أهل الحديبية.
ولم يختلف أحد العلماء أن أرض خيبر مقسومة وإنما اختلفوا هل تقسم الأرض إذا غنمت البلاد أو توقف فقال الكوفيون: الامام مخير بين قسمتها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر وبين إيقافها كما فعل عمر بسواد العراق. وقال الشافعي: تقسم الأرض كلها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر لأن الأرض غنيمة كسائر أموال الكفار. وذهب مالك إلى إيقافها اتباعا لعمر لأن الأرض مخصوصة من سائر الغنيمة عما فعل عمر في جماعة من الصحابة من إيقافها لمن يأتي بعده من المسلمين كما سيأتي عن عمر أنه قال ألا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر سهمانا وهذا يدل على أن أرض خيبر قسمت كلها سهمانا كما قال ابن إسحاق. وأما من قال إن خيبر كان بعضها صلحا وبعضها عنوة فقد وهم وغلط وإنما دخلت الشبهة بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما وهما الوطيح والسلالم في حقن دمائهم، فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمري إن ذلك في الرجال والنساء والذرية كضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال، فكان حكم أرضها حكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها.