يوهم أن الرجعة هي القفول إلى أوطانهم وليس هو معنى الحديث، والبدأة إنما هي ابتداء السفر للغزو وإذا نهضت سرية من جملة العسكر فإذا وقعت بطائفة من العدو فما غنموا كان لهم فيه الربع وتشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه فإن قفلوا من الغزوة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث، لأن نهوضهم بعد القفل أشد لكون العدو على حذر وحزم انتهى. قال في السبيل: وما قاله الخطابي: هو الأقرب. وقال ابن الأثير: أراد بالبدأة ابتداء الغزو، وبالرجعة القفول منه، والمعنى كان إذا نهضت سرية من جملة العسكر المقبل على العدو فأوقعت بهم نفلها الربع مما غنمت، وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر نفلها الثلث، لأن الكرة الثانية أشق عليهم والخطر فيها أعظم، وذلك لقوة الظهر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم وهم في الأول أنشط وأشهى للسير والإمعان في بلاد العدو وهم عند القفول أضعف وأفتر وأشهى للرجوع إلى أوطانهم فزادهم لذلك انتهى قال المنذري: أنكر بعضهم أن يكون لحبيب هذا صحبة وأثبتها له غير واحد، وقد قال في حديثه هذا شهدت النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو عبد الرحمن وكان يسمى حبيب الروم لكثرة مجاهدته الروم وأخرجه ابن ماجة بمعناه.
(باب في السرية ترد) بصيغة المعروف أي ما تغنمه من الأموال (على أهل العسكر) الذي خرجت منه السرية فتكون السرية وأهل العسكر في أخذ الغنيمة والقسمة سواء وسيجئ بيانه (تتكافأ) بالهمز في آخره أي تتساوى (دماؤهم) أي في القصاص والديات لا يفضل شريف على وضيع كما كان في الجاهلية (يسعى بذمتهم) أي بأمانهم (أدناهم) أي عددا وهو الواحد أو منزلة. قال في شرح السنة: أي أن واحدا من المسلمين إذا آمن كافرا حرم على عامة المسلمين دمه وإن كان هذا المجير أدناهم مثل أن يكون عبدا أو امرأة أو عسيفا تابعا أو نحو ذلك فلا يخفر ذمته (ويجير عليهم أقصاهم) قال الخطابي: معناه أن بعض المسلمين وإن كان قاصي الدار إذا عقد للكافر عقدا لم يكن لأحد منهم أي ينقضه وإن كان أقرب دارا من المعقود له (وهم يد على من سواهم) قال