الهدنة) بوزن اللقمة أي الصلح هل هو جائز بين المسلمين وبين أهل الكتاب وأهل الشرك (ستصالحون الروم) الخطاب للمسلمين (صلحا) مفعول مطلق (آمنا) بالمد صفة صلحا أي صلحا ذا أمن (وتغزون أنتم) أي فتقاتلون أيها المسلمون) (وهم) أي الروم المصالحون معكم (عدوا من ورائكم) أي من خلفكم. وسيجئ هذا الحديث في كتاب الملاحم في باب ما يذكر من ملاحم الروم. قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة.
(باب في العدو يؤتي) بصيغة المجهول (على غرة) أي غفلة، فيدخل الرجل المسلم على العدو الكافر ويقتله على غفلة منه، والحال أن العدو لا يعلم بعزم قتله ولا يقف على إرادته (ويتشبه) أي المسلم الداخل على العدو (بهم) أي بالأعداء في ظاهر الحال وقلبه مطمئن بالإيمان فيتشبه بهيئتهم وآدابهم وأخلاقهم والتلفظ بالكلمات التي فيها تورية بل بالكلمات المنكرة عند الشرع كما قال محمد بن مسلمة " إن هذا الرجل قد سألنا الصدقة وقد عنانا " فإن التلفظ بأمثال هذه الكلمات لا يجوز قطعا في غير هذه الحالة.
وفي رواية محمد بن إسحاق " فقال محمد بن مسلمة أنا لك به يا رسول الله أنا أقتله، قال فافعل إن قدرت على ذلك، قال يا رسول الله لا بد لنا أن نقول، قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حال من ذلك " انتهى. فأباح له الكذب لأنه من خدع الحرب. قال الحافظ: وقد ظهر من سياق ابن سعد للقصة أنهم استأذنوه في أن يشكوا منه وأن يعيبوا دينه انتهى.
قال ابن المنير: هنا لطيفة هي أن النيل من عرضه كفر ولا يباح إلا بإكراه لمن قلبه مطمئن بالإيمان وأين الإكراه هنا وأجاب بأن كعبا كان يحرض على قتل المسلمين وكان في قتله خلاصهم فكأنه أكره الناس على النطق بهذا الكلام بتعريضه إياهم للقتل فدفعوا عن أنفسهم بألسنتهم مع أن قلوبهم مطمئنة بالإيمان انتهى وهو حسن نفيس. والمقصود من عقد هذا الباب أن هذه الأفعال والخديعة وأشباهها تجوز لقتل العدو الكافر لكن لا يجوز ذلك بالعدو بعد الأمان