بالدين من الفتن، وكأن المهاجرين خوطبوا بذلك لئلا يتكلوا على مجرد التحول من دارهم حتى يمتثلوا أوامر الشرع ونواهيه ويحتمل أن يكون ذلك قيل بعد انقطاع الهجرة لما فتحت مكة تطييبا لقلوب من لم يدرك ذلك، لأن حقيقة الهجرة تحصل لمن هجر ما نهى الله عنه انتهى.
قال المنذري: وأخرجه البخاري والنسائي.
(باب في سكنى الشام) (هجرة بعد هجرة) قال الخطابي: معنى الهجرة الثانية الهجرة إلى الشام يرغبها في القيام بها وهي مهاجر إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وعلى آلهما وسلم (مهاجر إبراهيم) بفتح الجيم وهو الشام (تلفظهم) بكسر الفاء أي تقذفهم وترميهم، يقال قد لفظ الشئ يلفظه لفظا إذا رماه (أرضوهم) جمع أرض (تقذرهم) بفتح الذال المعجمة أي تكرههم (نفس الله) بسكون الفاء أي ذاته تعالى. قال الخطابي: تأويله أن الله يكره خروجهم إليها ومقامهم بها فلا يوفقهم لذلك فصاروا بالرد وعدم القبول في معنى الشئ الذي تقذره نفس الإنسان، وذكر النفس ههنا مجاز واتساع في الكلام وهذا شبيه بمعنى قوله سبحانه وتعالى (ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) انتهى. قال في النهاية: يقال قذرت الشئ أقذره إذا كرهته واجتنبته) انتهى (وتحشرهم النار مع القردة والخنازير) أي تجمعهم وتسوقهم النار