دابته (جليتهم عنه) هكذا في بعض النسخ الصحيحة بالجيم وتشديد اللام أي نفيتهم له وأبعدتهم عنه. وفي بعض النسخ حلأتهم بالحاء المهملة وبالهمز في آخره. وفي نسخة الخطابي حليتهم بالحاء المهملة وبالياء مكان الهمزة، وهذه النسخة هي المعتمدة. قال الخطابي: معناه طردتهم عنه، وأصله الهمزة، ويقال حلأت الرجل عن الماء إذا منعته الورود انتهى. وقال في النهاية: وفي حديث سلمة بن الأكوع حليتهم عنه بذي قرد، هكذا جاء في الرواية غير مهموز فقلب الهمزة ياء وليس بالقياس لأن الياء لا تبدل من الهمزة إلا أن يكون ما قبلها مكسورا نحو بئر وائلاف، وقد شذ قريت في قرأت وليس بالكثير، والأصل الهمز انتهى (ذو قرد) بفتح القاف والراء والدال المهملة آخره.
قال الحافظ: وحكي الضم فيها. قال الحازمي: الأول ضبط أصحاب الحديث والضم عن أهل اللغة.
وقال البلاذري: الصواب الأول وهو ماء على نحو بريد من المدينة مما يلي بلاد غطفان، وقيل على مسافة يوم. قال السندي: فذو قرد اسم ذلك الماء.
وقال السيوطي: هو بين المدينة وخيبر (فأعطاني سهم الفارس والراجل) ولفظ أحمد " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس وسهم الراجل فجعلهما لي جميعا " قال الخطابي يشبه أن يكون إنما أعطاه من الغنيمة سهم الراجل حسب لأن سلمة كان راجلا في ذلك اليوم وأعطاه الزيادة نفلا لما كان من حسن بلائه انتهى. وهذا هو محل ترجمة الباب لأن سلمة بن الأكوع إنما استنقذ منهم أكثر من ثلاثين رمحا وثلاثين بردة وقال قائل من المشركين وأخذ كل شئ في أيدينا وجعله وراء ظهره ومع ذلك لم يعط النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة بن الأكوع أكثر من سهم الراجل والفارس، ولم يخص أهل السرية كأبي قتادة وسلمة وغيرهما بهذه الأموال كلها فلم ترد تلك الأموال إلا على أهل العسكر كله والله أعلم. كذا في الشرح لأخينا أبي الطيب. قال المنذري:
وأخرجه مسلم أتم من هذا انتهى. قلت: وأخرجه البخاري أيضا في الجهاد وفي المغازي.