وفي زاد المعاد في غزوة الغابة أغار عيينة بن حصن الفزاري في بني عبد الله بن غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي بالغابة فاستاقها وقتل راعيها وهو رجل من غفار واحتملوا امرأته قال عبد المؤمن بن خلف وهو ابن أبي ذر وهو غريب جدا انتهى (وخرج) عبد الرحمن (يطردها) الإبل ويسوقها الناس (وأناس معه في خيل) أي فرسان. قال ابن سعد أغار عبد الرحمن في أربعين فارسا فاستاقوها وقتلوا ابن أبي ذر وأسروا المرأة (قبل المدينة) بكسر القاف وفتح الباء أي نحوها (يا صباحاه) كلمة يقولها المستغيث وأصلها إذا صاحوا للغارة لأنهم أكثر ما يغيرون عند الصباح، فكأن المستغيث يقول قد غشينا العدو. وقيل هو نداء المقاتل عند الصباح يعني وقد جاء وقت الصباح فتهيؤوا للقتال وفي البخاري ومسلم عن سلمة " خرجت قبل أن يؤذن بالأولى وكانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ترعى بذي قرد فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف فقال أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: من أخذها قال غطفان وفزارة فصرخت ثلاث صرخات يا صاحباه يا صاحباه، فأسمعت ما بين لابتي المدينة " الحديث. فنودي: يا خيل الله اركبي وكان أول ما نودي بها. قاله ابن سعد وركب صلى الله عليه وسلم في خمسمائة وقيل سبعمائة واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة يحرسون المدينة وكان قد عقد لمقداد بن عمرو وكان أول من أقبل إليه وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه، فعقد له لواء في رمحه وقال له امض حتى تلحقك الخيول وأنا على أثرك فأدرك أخريات العدو (ثم اتبعت القوم) العدو، وذلك بعد صريخه وقبل أن تلحقه فرسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعند ابن إسحاق صرخ وا صباحاه ثم خرج يشتد في آثار القوم، فكان مثل السبع حتى لحق بالقوم وهو على رجليه فجعل يرميهم بالنبل (فجعلت أرمي) بالسهام (وأعقرهم) أي أقتل مركوبهم وأجعلهم راجلين بعقر دوابهم (فإذا رجع إلي فارس) من العدو (جلست في أصل شجرة) أي مختفيا عنه. وعند مسلم وغيره " فما زلت أرميهم وأعقرهم فإذا رجع إلي فارس منهم أتيت شجرة فجلست في أصلها ثم رميته فعقرت به، فإذا تضايق الجبل فدخلوا في مضائقه علوت الجبل فرميتهم بالحجارة " الحديث.
(من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم) أي من إبله التي أخذوها، يريد أن جميع ما أخذوه من إبله صلى الله عليه وسلم أخذته عنهم وتركته وراء ظهرنا. وفيه دليل على أنه استنقذ جميع اللقاح، وهكذا في الصحيحين من حديث سلمة بن الأكوع. قال الشامي: وهو المعتمد لصحة سنده.