قوله (في قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) قال الحافظ ابن جرير في تفسيره اختلف أهل التأويل في ذلك فقال بعضهم هو رؤيا عين وهي ما رأى النبي لما أسرى به من مكة إلى بيت المقدس ثم ذكر من قال ذلك ثم قال وقال آخرون هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة فروى بإسناده عن ابن عباس قوله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال يقال إن رسول الله أرى أنه دخل مكة هو وأصحابه وهو يومئذ بالمدينة فجعل رسول الله السير إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون فقالت أناس قد رد رسول الله وقد كان حدثنا أنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم ثم قال وقال آخرون ممن قال هي رؤيا منام إنما كان رسول الله رأى في منامه قوما يعلون منبره فذكر من قال ذلك قال وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال عني به الرؤيا رسول الله ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس وببيت المقدس ليلة أسري به وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لاجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك وإياه عني الله عز وجل بها فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس إلا فتنة للناس يقول الإبلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام لما أخبروا بالرؤيا التي رآها عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله تماديا في غيهم وكفرا إلى كفرهم انتهى (قال هي رؤيا عين أريها النبي ليلة أسري به) أريها بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة ولم يصرح بالمرئي وعند سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال هو ما أرى في طريقه إلى بيت المقدس وزاد عن سفيان في آخر الحديث وليست رؤيا منام واستدل به على إطلاق لفظ الرؤيا على ما يرى بالعين في اليقظة وقد أنكره الجريري تبعا لغيره وقالوا إنما يقال رؤيا في المنام وأما التي في اليقظة فيقال رؤية وممن استعمل الرؤيا في اليقظة المتنبي في قوله ورؤياك أحلى في العيون من الغمض وهذا التفسير يرد على من خطأه كذا في الفتح (والشجرة الملعونة) بالنصب عطف على الرؤيا تقديره وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس (قال هي شجرة الزقوم) هذا هو الصحيح وذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفسا من التابعين وأما
(٤٥١)