واختلفت الروايات أيضا في مكان عرض الآنية ففي رواية مسلم عن أنس ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاء جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فأخذت اللبن وفي بعض روايات البخاري أتى رسول الله ليلة أسري به بإيلياء بإناء فيه خمر وإناء فيه لبن فنظر إليهما فأخذ اللبن فهاتان الروايتان تدلان على أن عرض الآنية كان في بيت المقدس وفي بعض روايات البخاري المذكورة أنه كان في السماء قال الحافظ بعد ذكر هذه الروايات وغيرها يجمع بين هذا الاختلاف إما بحمل ثم على غير بابها من الترتيب وإنما هي بمعنى الواو هنا وإما بوقوع عرض الآنية مرتين مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس وسببه ما وقع له من العطش كما في حديث شداد فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأتيت بإناءين أحدهما لبن وا خر عسل الخ ومرة عند وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة وأما الاختلاف في عدد الآنية وما فيها فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الاخر ومجموعها أربعة آنية فيها أربعة أشياء من الأنهار الأربعة التي رآها نخرج من أصل سدرة المنتهى ووقع في حديث أبي هريرة عند الطبري لما ذكر سدرة المنتهى يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ومن لبن لم يتغير طعمه ومن خمر لذة للشاربين ومن عسل مصفى فلعله عرض عليه من كل نهر إناء انتهى (هديت للفطرة أو أصبت الفطرة) شك من الراوي والأول بصيغة الخطاب مجهولا والثاني معلوما قال القرطبي يحتمل أن يكون سبب تسمية اللبن فطرة لأنه أول شئ يدخل بطن المولود ويشق أمعاءه والسر في ميل النبي إليه دون غيره لكونه كان مألوفا له ولأنه لا ينشأ عن جنسه مفسدة (أما) بالتخفيف حرف التنبيه (إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك) أي ضلت نوعا من الغواية المترتبة على شربها بناء على أنه لو شربها لأحل للأمة شربها فوقعوا في ضررها وشرها وفيه إيماء إلى أن استقامة المقتدي من النبي والعالم والسلطان ونحوهم سبب لاستقامة أتباعهم لأنهم بمنزلة القلب للأعضاء كذا في المرقاة قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان قوله (أتى بالبراق) بضم الموحدة وتخفيف الراء مشتق من البريق فقد جاء في لونه أنه
(٤٤٧)