قوله (وهما مشركان) جملة حالية (أوليس استغفر إبراهيم لأبيه) أي أتقول هذا وليس استغفر الخ (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين أي لا يصح ولا يجوز لهم أن يستغفروا للمشركين) وتمام الآية مع تفسيرها هكذا ولو كانوا أي المشركون أولي القربى أي ذوي قرابة من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم أي النار بأن ماتوا على الكفر وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه بقوله سأستغفر لك ربي رجاء أن يسلم فلما تبين له أنه عدو لله بموته على الكفر تبرأ منه وترك الاستغفار له إن إبراهيم لأواه كثير التضرع والدعاء حليم صبور على الأذى قوله (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد والنسائي قوله (وفي الباب عن سعيد بن المسيب عن أبيه) أخرجه أحمد والشيخان عنه أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله لأبي طالب أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فقال النبي لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم قال صاحب فتح البيان وقد روى في سبب نزول الآية استغفار النبي لأبي طالب من طرق كثيرة وأصله في الصحيحين وما فيهما مقدم على ما لم يكن فيهما على فرض أنه صحيح فكيف وهو ضعيف غالبه ولا ينافي هذا ما ثبت عنه في الصحيح أنه قال يوم أحد حين كسر المشركون رباعيته وشجوا وجهه اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون لأنه يمكن أن يكون ذلك قبل أن يبلغه تحريم الاستغفار لهم وعلى فرض أنه قد كان بلغه كما يفيده سبب النزول فإنه قبل أحد بمدة طويلة فصدور هذا الاستغفار منه إنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدمه من الأنبياء كما في صحيح مسلم عن عبد الله قال كأني أنظر إلى النبي وآله وسمل يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه ويمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون انتهى
(٤٠١)